تعاني مصر من أزمة انخفاض العملة و نقص العملات الأجنبية الأمر الذي أدي الي ارتفاع تكاليف المعيشة و جعلها ثاني أكبر مقترض لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين و بالنظر نجد أن هناك اختلال في عدة أمور مؤثره علي الاقتصاد بما في ذلك التضخم و الدين و الجنيه المصري و البطالة مما جعل المواطن المصري في مأزق و عدم القدرة علي تحمل ارتفاع الأسعار المبالغ فيه منذ بداية عام 2023 و المتزايد مع مرور الوقت، علي الرغم من توقع صانعي السياسة إن هذه المرة مختلفة و مجموعة الإصلاحات الموعودة ستعطي تحولًا و نتائج أفضل في أسواق مصر و اقتصادها و لكن ليس من السهل التنبؤ بموعد انتهاء الأزمة الحالية
تعد تكلفة المعيشة المرتفعة في مصر قضية رئيسية تؤثر لسنوات عديدة و تسبب في قدر كبير من المصاعب للمصريين حيث أصبحت تكلفة الضروريات الأساسية مثل غلاء المواد الغذائية و السكن و الدواء و النقل باهظة الثمن بشكل متزايد نتيجة التضخم المستمر و هو أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع تكلفة المعيشة ، يحدث التضخم عندما ترتفع الأسعار بكل أسرع من الأجور مما يجعل تحمل الضروريات صعبًا علي المواطنين و بدأ ذلك منذ عام 2011 عندما قامت الحكومة في تنفيذ إجراءات تقشفية لتقليل عجز ميزانيتها و نتيجة لذلك ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ بينما ظلت الأجور منخفضة
البطالة و هي عامل آخر يساهم في ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر حيث بلغ معدل البطالة 8% و هي نسبة أعلي من المتوسط العالمي ، يعني أن هناك أقل من الشخاص لديهم وظائف و يمكنهم تحمل تكاليف شراء السلع و الخدمات مما يؤدي الي انخفاض إجمالي في الطلب و زيادة الأسعار ، كما ساهم نقص التنوع الاقتصادي أيضًا في ارتفاع تكلفة المعيشة لاعتماد اقتصاد الدولة بشكل كبير علي السياحة و صادرات النفط و هي صناعات متقلبة تخضع لعوامل خارجية مثل اتجاهات السوق العالمية و عدم الاستقرار السياسي لذلك فإن هذه الصناعات غير قادرة علي حماية الدولة من الصدمات و توفير ما يكفي من الوظائف أو الدخل للمصريين و هم في أمس الحاجة إليها
تُعد قيمة العملة المصرية من أحد العوامل الرئيسية التي تعرضت لإنخفاض ثلاث مرات العام الماضي امتثالًا لطلبات صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض بقيمة 3 مليارات دولار ليصبح الجنيه المصري أكثر مرونة و من المتوقع انخفاض أخر في العملة كما أظهرت ممارسة استخدام الأصول الأجنبية و الاحتياطيات الدولية لحماية الجنيه المصري نتائج عكسية مع عدم ضخ المستثمرون المزيد من الأموال في حصص الشركات أو السندات، قد تكون بعض حالات عدم الاستقرار من انخفاض و ارتفاع طفيف للجنيه المصري في الأسابيع المقبلة علامة علي تدهور عمليات العرض و الطلب حيث توضح التفاصيل بشكل دقيق ، كما أن الاستئناف لبعض الواردات بعد تسوية تأخير الشحنات في الموانئ المصرية من شأنه أن يظهر بعض التحسن لتدفقات النقد الأجنبي و الضغط علي تخفيض الجنيه
كثرة الدين ربما ولت الأيام التي كان يحتفظ فيها المستثمرون الأجانب بالديون المحلية لأكثر من 30 مليار دولار حيث تستهدف السلطات 2 مليار دولار من صافي التدفقات الداخلة لمصر و هو الهدف الذي يعتمد بشكل كبيرعلي ثقة المستثمرين في الجنيه المصري والعوائد علي الأوراق المالية المحلية ليست سلبية عند تعديلها وفقًا لمقياس الطلب علي الوراق المالية المصرية لمدة 12 شهرًا بالإضافة الي انخفاض مبيعات السندات مما يشير الي أن مصر تتراجع عن خطتها في الاعتماد علي الأموال الساخنة و هي التدفقات المالية التي تدخل أو تخرج من الدولة بهدف الاستثمار و العودة الي نهج يساعد في حل الأزمة الحالية
مساعدات الخليج التي غيرت كل التوقعات بأن حلفاء مصر في الخليج سيفتحون الصنابير بالكامل و إمداد مصر بالمساعدات دون شروط و هذا ما حدث بالفعل منذ ما يقرب من عام وقت التعهد بتقديم 10 مليارات دولار من الاستثمارات فلم يتحقق سوى جزء بسيط من هذا التعهد و التمويل الذي وصفه صندوق النقد الدولي بإنه حرج و مخيب للأمال المصرية ، كما أثارت التعليقات الأخيرة للمملكة العربية السعودية بشأن عدم تقديم مساعدات غير مشروطة و يجب رؤية الإصلاحات ، كل هذا يعني أن الصفقة الكبيرة التالية و التي تتضمن بيع حصص مملوكة للدولة المصرية